غيره أولى بالخلافة من أبي بكر أو عمر أو عثمان لكانت هذه كافية للتشكيك بكل إيمانه وحتى بدينه، ونعته بكل النعوت التي تطرده من الجماعة، وتسلط غضب العامة عليه، فيقال (أنه رافضي خبيث)، أو (شيعي مقيت)، أو (طاعن ملعون بالصحابة الكرام).
4 - الحشد وانتظار موت النبي بعد أن استسلمت بطون قريش وبعد التقاء المهاجرين والطلقاء على هدفهم الجديد، بدأ الحشد والإعداد لتحقيق الهدف.
وفي هذا السياق، صارت كلمة أبناء البطون واحدة فاتحدت مثل اتحادها عندما أعلن الرسول دعوته في مكة، ولكن هذه المرة تحت خيمة الإسلام، فإذا تكلمت شخصية بارزة من أبنائها تقف جميعها خلفه وتردد ما قالته، وموقف البطون وتأييدها لعمر بن الخطاب والنبي على فراش الموت وترديدها خلفه: (إن النبي يهجر، ولا حاجة لنا بوصيته، والقرآن وحده يكفينا) دليل قاطع على صحة ما ذكرناه.
وفي مجال الحشد، مدت البطون يدها للمنافقين، فلم يرو لنا التاريخ كله أن أحدا " من المنافقين قد عارض أي خليفة من خلفاء البطون، لقد شكلوا مع البطون جبهة واحدة ولكن تحت خيمة الإسلام هذه المرة. كذلك استغلت البطون الخلاف العشائري بين الأوس والخزرج ووطدت علاقاتها بأسيد بن حضير وطائفة من قومه وشيعتهم بعقيدتها مما سهل وهون على أسيد أن يشترك في اليوم الثاني لوفاة الرسول بسرية غايتها إحراق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه، وفيه علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين سبطا رسول الله!!
وفي هذا السياق، مدت البطون يدها للمرتزقة من الأعراب فوعدتهم ومنتهم وتحالفت معهم وانتظرت وإياهم موت الرسول بفارغ الصبر. أنظر إلى قول عمر:
(ما أن رأيت أسلم حتى أيقنت بالنصر) فهو يعلم أن قبيلة أسلم معه تؤيده وتؤيد حزبه.
وهكذا شكلت بطون قريش جبهة تضم أبناءها والمنافقين والمغرر بهم من الأنصار والمرتزقة من الأعراب، ولهذه الجبهة غاية واحدة هي إقصاء آل محمد وأهل بيت النبوة عن خلافة الرسول والاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة والتغلب والقهر، واعتبار التغلب هو الطريق الأوحد لتولي هذا المنصب.