بعد النبي، فقد عدها أبناء البطون غير ملزمة، وغير معقولة لعدة أسباب منها: 1 - أن الرسول بشر يتكلم في الغضب والرضى ولا ينبغي أن يحمل كلامه كله على محمل الجد (1)! وعلى هذا الأساس أهملت بطون قريش جميع النصوص النبوية التي نظمت أمر الولاية من بعد النبي. ومن جهة ثانية فإنه لا علم للبطون بأن القرآن قد تطرق لهذه الناحية. والأمر الملزم للبطون هو القرآن وحده ولا حاجة لقول النبي ولا لوصاياه في أمور لم يعالجها القرآن. ولقد جهر عمر بن الخطاب بهذه القناعة أمام الرسول نفسه، وأيده أبناء البطون فحالوا بين الرسول وبين كتابة توجيهاته النهائية، بحجة أن القرآن وحده يكفي ولا حاجة لتوجيهات الرسول ولا لوصاياه لأنهم أدركوا أن هذه التوجيهات ستبطل كيدهم (2) وفي هذا السياق، وطمعا " بطمس جميع النصوص النبوية المتعلقة بخلافة النبي منع خلفاء البطون الرعية من أن تحدث عن رسول الله، وجمعوا الأحاديث التي كتبها الناس عنه وأمروا بتمزيقها (3)!
3 - إضفاء هالة من التقديس تفوق التصور والوصف على أبناء البطون البارزين، ومعاملتهم باحترام يفوق احترامهم للرسل والأنبياء، والتماس الأعذار لأخطائهم وهفواتهم وتقديمهم للأمة جنبا " إلى جنب مع النبي لهم سنن واجبة الاتباع تماما " كسنة الرسول. وإذا تعارضت سننهم مع سنن الرسول ترجح سنن أبناء البطون، ويمكن للواحد من هؤلاء البارزين أن يقول للرسول وجها " لوجه: (أنت تهجر ولا حاجة لنا بوصيتك) فتصفق جميع البطون لهذا القائل وتؤيده، وتقول أمام الرسول: (إن الرسول يهجر والقول ما قاله عمر)، كما حدث يوم الرزية والنبي على فراش الموت (4).