الفصل الأول نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم عوامل نشأة النظرية ووظيفتها نظرية عدالة الصحابة، في المعنى الذي استقر نهائيا " في أذهان العامة والخاصة، من أهل السنة، نظرية غريبة عن الإسلام تماما ". وهي من اختراعات الخلفاء وأوليائهم عبر التاريخ، فقد سخر هؤلاء موارد دولة الخلافة التاريخية وإعلامها الضخم حتى حشوها في الأذهان، ثم ورثتها العامة كما ورثت بقية المعتقدات، وكذلك فعل الذين من بعدهم واعتبروها مسلمات، فوق مستوى العقل، وخارج نطاق عمله، لأنهم ورثوها أولئك العمالقة الذين فتحوا مشارق الدنيا ومغاربها، وإعمال العقل في تلك الموروثات يشكل - برأيهم - سوء ظن بأولئك العظماء، ومحاولة لاتباع سبل غير سبيلهم! ونظرا " لتعمق هذه القناعة في نفوس العامة واختلاطها إلى درجة الالتحام مع الدين الحنيف بفعل التراكمات التاريخية، فإننا نحتاج إلى جهد هائل لتصحيحها. ومن هنا كان لزاما " علينا أن نربط نشأة هذه النظرية ربطا " محكما " بالوقائع التاريخية والسنة النبوية العملية، وبالروح العامة للدين الحنيف وبالصراعات السياسية التي عصفت بالمجتمعات العربية عند ظهور النبي، وخلال مرحلتي الدعوة والدولة النبويتين، والتي كشرت عن نابها واشتدت والنبي على فراش الموت، ثم هاجت وماجت، وألقت أجرانها بعد موت النبي، ثم فرض المنتصرون رؤاهم وبناهم الفكرية والعقيدية على المحكومين بنفوذ الدولة وقوتها وإعلامها، وسنعالج هذا الارتباط الوثيق من خلال البحوث التالية:
مصطلح صحابة وصحابي الصحابة جمع صحابي، واللفظان من مشتقات الكلمة الأصلية (أصحب) وتعني، لغة، عاشر، أو رافق، أو جالس أو شايع (1) والقرآن الكريم، في