السلطة منعوا رسميا " رواية أحاديث الرسول وكتابتها وأحرقوا المكتوب منها علنا ".
وكان هدفهم واضحا " ومنصبا " على طمس جميع النصوص التي تشير إلى الإمام من بعد النبي. وكان معاوية أكثر وضوحا " عندما حصر المنع بالنصوص التي تذكر فضل (أبي تراب وأهل بيته)، على حد تعبيره.
الخلفاء المقدسون:
نجحت البطون في تجاهل الترتيبات الإلهية المتعلقة بالقيادة، ونجحت بالاستيلاء على منصب الخلافة بالتغلب والقهر، وقبض خليفة البطون وأولياؤه على السلطة بيد من حديد، وحجموا كل من يعارضهم وعزلوه وحرموه ونكلوا بخصومهم، فقد هددوا عليا " بن أبي طالب بالقتل، وهو ابن عم النبي وزوج ابنته البتول ووالد سبطيه، وشرعوا بإحراق بيت بنت الرسول فاطمة وهي سيدة نساء العالمين وفيه الحسن والحسين سبطا النبي، وهددوا بقتل سعد بن عبادة، ثم قتل بأمر الخليفة في ما بعد، مع أنه سيد الخزرج وحامل لواء النبي وموضع ثقته!
وقتلوا مالك بن نويرة، الصحابي الجليل الذي ولاه النبي أمور قومه، للاشتباه بعدم إخلاصه لخليفة البطون، وجردوا أهل بيت النبوة من جميع ممتلكاتهم ومن المنح التي أعطاها لهم الرسول حال حياته، وحرموهم من تركة النبي، ومن حقهم بالخمس، مع أنهم أحد الثقلين!
إذا كانت هذه معاملة البطون لعلية القوم وأشرافهم وأهل الدين والسابقة ممن يشتبهون بولائهم للخليفة فكيف تكون معاملتهم للمستضعفين وعامة الناس!؟
بهذه الأساليب الموغلة بالقسوة؟ وبالترغيب بالمال والجاه وبنصيب من السلطة، استقامت الأمور لدولة البطون وانقاد لهم الناس رغبة أو رهبة. لم تنتظر البطون طويلا " إنما جيشوا الجيوش لإشغال المسلمين بالحرب، وتوسيع رقعة الملك، ونشر الإسلام على طريقتهم. في هذا الوقت نفسه كانت شخصية النبي الفذة، وسمعته العطرة، وعدله العجيب، ومعاملته الفريدة لخصومه ومعارضيه، وتساويه بمستوى المعيشة نمط الحياة مع المملوكين، وسرعته المذهلة بتوحيد العرب ونقلهم من دين إلى دين، كانت قد شقت طريقها بين شعوب الدولتين الأعظم،