الجاهلية، فتتأخر القلة، وتتقدم الأكثرية، ويعود التوازن الذي اختل لصالح البطن الهاشمي. هذا هو الهدف الكبير الذي التفت حوله بطون قريش: مهاجرها وطليقها بعد الاستسلام والهزيمة، بمعنى أن همها قد انحصر في إلغاء جميع الترتيبات الإلهية المتعلقة بمنصب الإمامة أو القيادة التي أعلنها النبي، وتجريد الهاشميين على المدي البعيد من جميع حقوقهم السياسية، والقضاء التام على مكانتهم المتميزة، وتحجيم (أصحاب محمد)، وبخاصة المعروفين بحبهم وبولائهم لآله، وإبعادهم كليا " عن مراكز التأثير وتسليط الأضواء على قلتهم، وعدم فاعليتهم، والحط العملي من قيمتهم تحت شعارات مختلفة لغاية في نفس يعقوب.
أساليب أبناء بطون قريش لتحقيق غاياتهم تحت مظلة الإسلام 1 - بعد انتصار النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، صارت النبوة في نظر بطون قريش، وسيلة للملك وطريقا " لسيادتها على العرب. لذلك لم يعد في مصلحتها أن تنكر هذه النبوة. فاعترف أبناؤها بها وأعلنوا أنها لم تعد موضوعا " للنقاش، فهي حقيقة من حقائق الحياة السياسية العربية، فمحمد نبي ورسول وصاحب ملك.
2 - وحيث أن الهاشميين قد اختصوا بالنبوة وأخذوها، وهي شرف عظيم، واعترفت لهم جميع البطون بهذا الشرف خالصا "، فليس من العدل أن يأخذوا الملك (أن يكونوا خلفاء من بعد النبي) لأن معنى هذا أن يجمعوا النبوة والملك ويحرموا البطون من هذين الشرفين معا ". والأصوب والأبعد عن الإجحاف أن تكون النبوة لنبي هاشم خاصة لا يشاركهم فيها أحد من البطون، وأن تكون خلافة النبي (الملك) للبطون خاصة لا يشاركهم فيها أي هاشمي قط. وعلى هذا أجمعوا. وأبرز منظري هذا المبدأ اثنان هما: أبو بكر الخليفة الأول، وعمر بن الخطاب الخليفة الثاني (1).
أما النصوص النبوية المتواترة التي نصت على أن الإمام عليا " بن أبي طالب وأحد عشر إماما " من ذرية النبي، ومن نسل علي، هم الأئمة الشرعيون للأمة من