النبي وأهل بيته وأصحابه قلة من جديد:
وفي الجانب الآخر، وجد النبي وأهل بيته وأصحابه المخلصين أنفسهم (قلة) من جديد، وعليهم أن يواجهوا واقعا " جديدا "، فجميع بطون قريش والمنافقون والمغرر بهم من الأنصار والمرتزقة من الأعراب في صف واحد متحد ومتراص ولكن تحت خيمة الإسلام، ولهم هدف محدد واضح يتلخص بإلغاء الترتيبات الإلهية المتعلقة بمنصب القيادة أو الولاية أو الإمامة من بعد الرسول، وكان هذا التجمع من القوة بحيث أنه حال بين الرسول وبين كتابة ما أراد أثناء مرضه، وأن هذا التجمع قد واجه الرسول في بيته، وفرض رأيه فرضا "، وبهذا أخرجوا الرسول من دائرة التأثير على الأحداث، وعطلوا عمليا " دوره كقائد للأمة. لقد أمر الرسول بتجهيز حملة أسند قيادتها إلى أسامة بن زيد وطلب من الحملة أن تتحرك فورا " وأن تغادر المدينة، ولكن أقطاب التجمع فطنوا لخطة النبي، فتثاقلوا وثبطوا الناس، ونجحوا في تأخير مسيرة الحملة، وتفويت الحكمة من وقت تسييرها، كل هذا يجري وتجمع البطون ومن والاها يكرر الشهادتين والاعتراف التام بالنبوة والرسالة، ولكن تحت شعار (حسبنا كتاب الله). هذا هو المناخ الذي أو جده تجمع البطون قبل استيلائه على منصب الإمامة بالقوة والتغلب والقهر.
النجاح الساحق انتقل الرسول إلى جوار ربه، وانشغل الآل الكرام وأهل بيت النبوة الطاهرين بتجهيز جثمانه الطاهر لمواراته في ضريحه الأقدس. وخلال هذه المدة تجمع قادة التحالف، ونصبوا خليفة منهم متجاهلين بالكامل جميع النصوص النبوية التي عالجت منصب خلافة النبي، وصار التحالف جيشا " للخليفة، وصار قادته قادة لدولة الخليفة، وقبضوا سريعا " على المال والجاه والنفوذ ثم زحفوا إلى مسجد النبي، زافين الخليفة، زفا " ليواجهوا الولي الشرعي وأهل بيت النبوة ومن تبقى معهم من الصحابة الكرام بالأمر الواقع، وليحصلوا بالقوة على بيعة من لم يبايع، ومن لم يبايعهم مصيره الموت، حتى لو كان عليا " بن أبي طالب، ومن يتكتل ضدهم سيحرقونه حيا " حتى لو كانت فاطمة بنت محمد، أو الحسن والحسين سبطا