مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٣٦
أن التلفظ بالشهادتين غير كاف لجعل بطون قريش تتخلى عن أهدافها وغاياتها من مواجهتها للنبي المتمثلة (برفضها المطلق للنبوة والزعامة الهاشمية) وكيف يقر لها قرار، محمد الهاشمي يتربع على قمة الهرم، ويعلن ليل نهار أن الإمام من بعده هو علي بن أبي طالب، الفارس العجيب الذي فجع البطون بأبنائها يليه في الإمامة أحد عشر إماما " من ذرية النبي ومن نسل علي جميعهم من بني هاشم! جميع هذه الحقائق والذكريات شكلت في قلب كل واحد من أبناء البطون جرحا " راعضا "، وربت حقدا " دفينا " إلا من امتحن الله قلبه للإيمان منهم، وهم قليل، جد قليل.
إعادة تقويم الموقف والاعتراف بالمعطيات الجديدة وضعت الحرب أوزارها باستسلام البطون، والتقى المهاجرون والطلقاء من أبنائها بعد أن اجتمع شمل الجميع تحت خيمة الإسلام الواسعة، وتذكروا الآباء والأبناء والأخوة والأعمام والأخوال الذين قتلهم محمد وآله وأصحابه! ولم تكن للبطون قدرة على الاعتراض، لأنها مهزومة، وقد تعلمت، خلال حقبة المواجهة، أن محمدا " سينتصر دائما "، وأن أي مواجهة معه مصيرها الفشل الذريع.
ومن هنا صارت العافية مرهونة بالصمت وإخفاء حقيقة ما في النفوس. واستذكر أبناء البطون أن النبوة الهاشمية صارت قدرا " لا مفر منه وأن لا محيص من اعترافهم بهذه النبوة، وأن الصيغة الجاهلية السياسية القائمة على اقتسام مناصب الشرف قد تمزقت نهائيا "، وأن الهاشميين قد تفردوا بكل الفخر والشرف فالنبي منهم، ومحمد لا يتوقف عن الإعلان بأن الولي من بعدة هو علي بن أبي طالب ومن بعده أحد عشر إماما " جميعهم من ذرية النبي الهاشمي ومن نسل علي الهاشمي أيضا ". وكلما تذكروا ذلك وتذاكروا به اجتاحت قلوبهم موجات هائلة من المشاعر التي يختلط بها كل شئ: الحقد والحسد والوتر والإحباط والشعور بالهزيمة الماضي والحاضر، الإسلام والشرك والدنيا والآخرة. وأسفرت هذه المشاعر المتناقضة عن شعور بالمرارة، ورغبة هائلة بالتغيير، ولكن تحت مظلة الإسلام فمحمد وآله وأصحابه ما زالوا قلة، كانوا قلة وسط بحر من الشرك وصاروا بعد الانتصار قلة وسط بحر من حديثي الإسلام! فتحت مظلة الإسلام ستعود الأمور إلى مجاريها
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257