عن واقع الجزيرة العربية القبلية، واليهود والمنافقين. وغيرهما مما أشرنا إليه من محطات.
وفي تلك الأثناء لم تغب قضية الوصاية والخلافة. وهي أمر يدرك بالوجدان.
في مجتمع يهتم بالقيادة، وبخلافتها المرشحة. ذلك لأن المشروع الرسالي في عصر النبي صلى الله عليه وآله يقتضي الاهتمام، ولفت الأنظار إلى لذلك الامتداد القيادي لرسالة الإسلام. حتى لا يطرأ على التصور المناوئ أن المشروع النبوي مشروع وقتي ينتهي، بانتهاء صاحبه.
ولم يكن من منطق الرسالات السابقة - كما هو ليس من دأب نظم الحكم والقيادة في المجتمع النبيل الذي يملك نظرية أخلاقية حول الحاكم أن تغيب هذه المسألة المتصلة بواقع الرسالة الإسلامية ومستقبلها المصيري. ومن خلال (المسعودي) (5) نثبت أن فكرة الوصية، من القضايا التي شهدتها كل رسالات السماء. بل إن الرسالة التي أتت إلى قوم معينين، وفي إطار زمني محدود، لم تغب فيها، قضية الوصية، فكيف يمكن تصور (إلغائها) بخصوص رسالة عالمية، وفي إطار زمني ممتد، وساحة الإنسان أينما كان وحيث حل. فأجدر بهكذا رسالة أن تحدد قضية الخلافة (6) وحيث إن الخلاف حول الخلافة، نشأ فور وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فهذا يعني أن المسألة ليست بذلك المستوى من (التفاهة) حتى لا يوفر لها الرسول صلى الله عليه وآله صيغة شرعية، تحول دون مضاعفاتها. أو لعله لم يحط بذلك علما، وبما سيحدث بعده من خلاف بسبب الصراع على أمر الخلافة، وهذا ينافي عصمته، وعصمة الوحي الذي كان يوجه الرسول صلى الله عليه وآله.
ثم إن الأصل في القيادة، هي الوصية. ولم تكن الشورى، سوى تبرير تاريخي لما وقع في (سقيفة) بني ساعدة. إذ أن التاريخ يفضح حقيقة الشورى التي اعتمدوها في السقيفة. بل إنها أي الشورى أثبتت (بؤسها) في انتخاب