فالله يخلق الكلام فهو فعل أنشأه وأوجده في الأشياء.
قال الإمام علي (ع) يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمعه لا بخروق وأدوات، يقول ولا يلفظ ويحفظ ولا يتحفظ ويريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة، يقول لمن أراد كونه كن فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ولو كان قديما لكان إلها ثانيا (نهج البلاغة). صدق سيد المتكلمين وباب مدينة العلم وقائد سفينة النجاة.
وقد حاول ابن حنبل كما سبق أن يجبر في خطابه كل الناس على اتخاذ موقفا بين الخلق والقدم.
ورأى أن من اقتصر على ذكر (كلام الله) ليس أقل خبثا من القائلين بحدوثه.
وهذا التطرف كانت له مضاعفاته الفكرية والسياسية بحيث أدخل المجتمع الإسلامي في متاهات من السفسطة، أخرجته عن دائرة العمل لاستنهاض المسلمين وشلتهم وتاهت بهم في يوتوبيات فكرية مرتكزها المزاج. غير أن الأئمة من آل البيت (ع) التزموا بموقف محايد في أزمة القول (بالخلق والحدوث) وإن كان يبدو من كلامهم القول بحدوثه تمشيا مع منطق العقل والنقل، إلا أنهم لم يتيهوا بعيدا في لجاج اللغط الذي سيطر على الأشاعرة وأهل الحديث من جهة، والمعتزلة من جهة أخرى معتمدة على سلطان المأمون.
وحفاظا على استقرار الأمة، كانت إجابة الإمام الرضا (ع) على مسألة القرآن كالتالي:
كلام الله لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا (18).
ثم قال مرة أخرى، بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله وإياك من الفتنة فإن يفعل فقد أعظم بها نعمة، وأن لا يفعل فهي الهلكة. ونحن نرى أن الجدال في