ولا غيرهم.
والثغرة التي توجد في قول الأشاعرة، هي في تعدد الصفات واستقلالها عن الذات، ذلك أن الذات الواجبة هي بسيطة وكاملة وأزلية لا تحتاج إلى عوارض مستقلة لتحقيق كمالها المطلق. إذ أن استقلال الصفات عن الذات، يناقض مقولة البساطة في الذات. ثم إذا كانت الصفات مستقلة وزائدة وقديمة، ترتب أن يوجد أكثر من ذات قديمة، فالعلم الزائد على الذات قديم قدم الذات، يترتب على ذلك وجود قديمين، وإذا قسنا ذلك على الصفات السبع التي وضعها الأشاعرة، يكون هناك إلى جانب الذات، سبع قديمات وواجبات. يقول العلامة السيد الطباطبائي: (2) وأيضا لازمه فقدان الواجب في ذاته صفات الكمال، وقد تقدم أنه صرف الوجود الذي لا يفقد شيئا من الكمال الوجودي).
ومن هذا المنطق، غاص أهل الفرق في متاهات أخرى. كان الأشاعرة - صراحة - فيها أكثر سطحية وتلفيقا.
فلو كانت صفة البقاء مستقلة عن الذات، للزم أن يتوقف بقاء الله على شئ مستقل عنه هو (البقاء) والله باق بذاته لا بغيره. ولذا لزم أن تكون صفة البقاء هي هو من دون أن نلغيها.
ولو كان الله في حاجة إلى غيره في البقاء، إذن لكان ممكنا غير واجب، وتكون صفة البقاء هي الواجب وفق هذا القول، وعلى هذا الرأي الشيعة فيما رأى الأشاعرة أن الله تعالى باق بالبقاء (3).
والغريب عندما رأوا أنه باق ببقاء ليس هو.
ونلخص إلى القول، بأن الشيعة وقفوا موقف الوسط في مسألة الصفات، فيما غلا كل من الأشاعرة والمعتزلة، كما صور ذلك الشاعر:
الأشعري (بازدياد) قائل * وقال (بالنيابة) المعتزل