أن لا يجبر الإنسان على قدر واحد، حتى ولو غير حالة وما التوبة والاستغفار سوى تعبير عن هذا البداء أي إن الدعاء كما ورد عن أهل السنة أنفسهم يرد القدر.
وما يبدو لله بهذا الخصوص هو داخل في دائرة علم الله المطلق وقدر ناسخ لقدر.
فالإمام علي (ع) لما انزاح عن الحائط المتهاوي وسأله واحد: أهروبا هذا من قدر الله فقال: إن الهرب هو من قدر الله إلى قدره. كما أن في ذلك دلالة قوية على اختيار الإنسان وقدرته على تغيير مصيره بالطاعة والعمل الصالح. وهو أمر ينسجم مع عقيدة العدل في الجزاء والعقاب، الإلهيين.
وإذا كان البداء تعبيرا عن العدل الإلهي والاختيار البشري، كان ذلك اعتقادا سليما، ومن هنا يقول الأئمة: ما عبد الله بشئ مثل البداء.
ولهذا حدد الشيعة البداء فيما كان مشترطا في التقدير يقول الشيخ المفيد:
أقول في معنى البداء ما يقوله المسلمون في النسخ وأمثاله، من الافقار بعد الاغناء والأمراض بعد الاعفاء وبالإماتة بعد الإحياء وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال (20).
ومن ذلك أيضا النسخ فيقول القرآن (ما ننسخ من آية أو ننسيها نأت بخير منها أو مثلها).
فعملية النسخ هذه هي التعبير عن البداء الذي لا يناقض علم الله المطلق فينسخ الله حكما بحكم، عندما لم يعد في الحكم المنسوخ مصلحة. ويكون عامل الزمن مرتبطا بعملية النسخ هذه، وبالتالي فإن النسخ هذا لا يعدو أن يكون تقييدا لإطلاق الحكم من حيث الزمان (21) والنسخ ليس محصورا في الإطار التشريعي فكذلك في الإطار التكويني، فإن الإنسان قد يخضع لمشيئة الله والبداء، فيطول