ولكي نبين (لروايت) وأمثاله من المستشرقين بأنهم ليسوا سوى نقله ميكانيكين للمعلومات التاريخية الرسمية. وبأن (فيليب حتى) هو أقل من (حتى) في تقدير الإمام الحسن (ع) لا بد أن نقف على خلفيات الصلح وملابساته.
كيف يتوقع أهل الغباء التاريخي، أن يقوم الإمام الحسن (ع) ويغامر بالحرب بجيش منهار. فالحرب مع معاوية. هي حرب مع نفوذ أوسع من نفوذ الحسن (ع) وهي حرب مع الدنيا كل (الدنيا) بأيديولوجيتها القبلية والاقتصادية. لقد دخل الدين المحض مع الدنيا المحضة في صراع الاستحقاق.
الجيش العراقي كما سبق ذكره كان يعاني الأزمات الآتية:
1 - حدث اغتيال الإمام، ترك آثاره السلبية في نفوس الأغلبية، لأن ذلك الحدث قد تحول بفعل التشكيك الأموي، إلى هزيمة في جيش العراق. أي بمثابة انهيار نفسي. مقابل معنويات الشاميين. فكان الإمام الحسن حائرا بين قلة معدودة من المتحمسين، وهنالك من كان على غير يقين في اختياره. مثل عبيد الله بن عباس.
2 - وجود اليأس في صفوف الجيش العراقي، مضافا إليه التكثيف المضاعف للإعلام المضلل الأموي، أوجد حالة التدابر والانشطار في المواقف، كما استطاع الإعلام أن يستميل بعض عناصر هذا الجيش إلى الصف الأموي. كان الإمام الحسن (ع) قد جعل عبيد الله بن عباس على رأس الجيش الذي جهزه لقتال معاوية وأهل الشام. وعندما انطلق معاوية بجيش إلى جسر (منبج) انتشر الذعر في العراقيين، ووصلت قلوبهم الحناجر، فكان لا بد للإمام الحسن (ع) أن يزرع الأمل في نفوسهم، ويعيد إليهم العزيمة في القتال فقال: (أما بعد: فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها، ثم قال لأهل الجهاد: اصبروا إن الله مع الصابرين، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون، إنه بلغني أن معاوية بلغه أن كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم في النخيل حتى ننظر وتنظرون، ونرى وترون) (206) ولم يجد