مضرب الأمثال في القبائل العربية وكن رهن إشارته، على أن المؤرخين يذكرون غيرة عائشة من زينب بنت جحش ومن صفية بنت حيي ومن مارية القبطية لأنهن كن أجمل منها.
روى ابن سعد في طبقاته: 8 / 148 وابن كثير في تاريخه: 5 / 299 أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج مليكة بنت كعب، وكانت تعرف بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة، فقالت لها: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك، فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطلقها فجاء قومها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا:
يا رسول الله إنها صغيرة وإنها لا رأي لها، وإنها خدعت فارتجعها، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أبوها قد قتل في يوم فتح مكة، قتله خالد بن الوليد بالخندمة.
وهذه الرواية تدلنا بوضوح بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان همه من الزواج الصغر والجمال وإلا لما طلق مليكة بنت كعب وهي صغيرة وبارعة في الجمال، كما تدلنا هذه الرواية وأمثالها على الأساليب التي اتبعتها عائشة في خداع المؤمنات البريئات وحرمانهن من الزواج برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سبق لها أن طلقت أسماء بنت النعمان لما غارت من جمالها وقالت لها: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول له: أعوذ بالله منك. وهذه مليكة، تثير فيها حساسية مقتل أبيها وأن قاتله هو رسول الله وتقول لها:
أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك. فما كان جواب هذه المسكينة إلا أنها استعاذت من رسول الله! وما عساها أن تقول غير ذلك والناس لا يزالون حديثي عهد بالجاهلية الذين يأخذون بالثأر ويعيرون من لا يثأر لأبيه؟
بقي أن نتساءل ويحق لنا أن نتساءل: لماذا يطلق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هاتين المرأتين البريئتين واللتين ذهبتا ضحية مكر وخداع عائشة لهن؟