عن أنس أن ناسا كان بهم سقم قالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا فأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يلحقوا براعيه يعني الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم فقتلوا الراعي وساقوا الإبل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في طلبهم فجئ بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت.
هل يصدق مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينهى عن المثلة يقوم هو بنفسه فيمثل بهؤلاء القوم فيقطع أيديهم وأرجلهم ويسمر أعينهم لأنهم قتلوا راعيه ولو قال الراوي بأن هؤلاء القوم مثلوا بالراعي لكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عذر في المعاقبة بالمثل ولكن ذلك غير وارد وكيف يقتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويمثل بهم هذه المثلة بدون بحث وتحر منهم حتى يتبين من القاتل منهم فيقتله به. ولعل البعض يقول بأنهم شاركوا جميعا في قتله، أفلم يكن في وسع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يعفو ويصفح عنهم لأنهم مسلمون بدليل قولهم: يا رسول الله، ألم يسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله تعالى له: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين [النحل:
126].
وإذا كانت هذه الآية نازلة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما احترق قلبه على عمه سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب الذي بقروا بطنه وأكلوا كبده وقطعوا مذاكيره اغتاظ رسول الله عندما رأى عمه على تلك الحال وقال لئن مكنني الله منهم لأمثلن بسبعين فنزلت عليه الآية فقال صبرت يا رب وعفى عن وحشي قاتل عمه وهند التي مثلت بجسده الطاهر وأكلت كبده. وهذا هو خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومما يدلك على فظاعة الرواية وأن الراوي نفسه استفظعها فأردف يقول: قال قتادة فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود ليبرر فعل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فحاشى رسول الله أن يحكم من عند نفسه قبل