لنفسه فبذل الأموال وأضعف العاضد باستنفاد ما عنده من المال. فلم يزل أمره في ازدياد وأمر العاضد في نقصان.
وأقطع أصحابه البلاد. وأبعد أهل مصر وأضعفهم. واستبد بالأمور ومنع العاضد من التصرف. حتى تبين للناس ما يريده من إزالة الدولة. وتتبع جند العاضد وأخذ دور الأمراء وإقصاعاتهم فوهبها لأصحابه. وبعث إلى أبيه وإخوته. وأهله فقدموا من الشام عليه..
فلما كان في سنة ست وستين أبطل المكوس من ديار مصر. وهدم دار المعونة بمصر وعمرها مدرسة للشافعية. وأنشأ مدرسة أخرى للمالكية. وعزل قضاة مصر الشيعة وقلد القضاء صدر الدين عبد الملك بن درباس الشافعي. وجعل إليه الحكم في إقليم مصر كله. وعزل سائر القضاة - في الأقاليم - واستناب قضاة شافعية. فتظاهر الناس من تلك السنة بمذهب مالك والشافعي. واختفى مذهب الشيعة إلى أن نسي من مصر. ثم قبض على سائر من بقي من أمراء الدولة وأنزل أصحابه في دورهم في ليلة واحدة. فأصبح البلد من العويل والبكاء ما يذهل..
وتحكم أصحابه في البلد بأيديهم وأخرج أقطاعات سائر المصريين لأصحابه.
وقبض على القصور وسلمها إلى الطواش بهاء الدين قراقوش الأسدي وجعله زمامها. وصار العاضد معتقلا تحت يده. وأبطل من الآذان حي على خير العمل.
وأزال شعار الدولة وخطب لخليفة بغداد.. (1) هذه هي ملامح الانقلاب الأيوبي في مصر. ذلك الانقلاب الذي باركه الفقهاء والمؤرخون. لكونه أرحامهم من خصومهم الشيعة. وإن كان لم يحقق شيئا للإسلام وإنما حقق النفوذ والتمكن لآل أيوب..
وهو من وجهة نظر هؤلاء الفقهاء والمؤرخون يعتبر هذا الانقلاب نصرا للإسلام باعتبار أن مذهب أهل السنة الذي يمثله صلاح الدين هو الإسلام الحق.
أما مذهب الشيعة فهو مذهب الزنادقة الباطنية..
وقد عبر كثير من الفقهاء المؤرخين عن فرحتهم بسقوط دولة الفاطميين