الفاطميين. ويبدو هذا بوضوح من خلال المنشور الذي أصدره العباسيون ينفون فيه نسب الفاطميين ووقع عليه كثير من الفقهاء والرموز الإسلامية السنية البارزة آنذاك.. (52) ومسألة التعاون مع الصليبيين أو الإفرنج حين ظهروا في بلاد المسلمين لا تقتصر على الفاطميين إن صح نسبتها لهم. وإنما هناك صور كثيرة لهذا التعامل برزت في بلاد الشام في وجود الفاطميين وفي عهد الأيوبيين.
فلما ذا أثيرت هذه التهمة حول الفاطميين وحدهم وأغفل الباقون..؟
والجواب واضح.
لقد جعلت حالة العداء الكامنة في نفوس المؤرخين السنة تجاه الشيعة جعلتهم يتصيدون الأخطاء وينسبون المواقف ويثيرون الشبهات حول الفاطميين. وقد أعماهم الحقد على الشيعة عن معرفة الحقيقة ووضع الأمور في نصابها والفحص والتحقق في الروايات التي تنسب للفاطميين ما لا يعقل وما يخرج عن حدود الخلق العلمي.. (53) ولا يزال البعض إلى اليوم يتناقل الفرية التاريخية التي تقول إن الشيعة يقدمون عليا على محمد. ويقولون إن جبريل أخطأ في الرسالة وبدلا من أن يهبط على علي هبط على محمد.. (54) إن التاريخ يقص علينا مواقف خالدة ومشرفة للفاطميين في مواجهة الصليبيين من قبل ظهور آل زنكي وصلاح الدين..
يروي ابن الأثير عن أحداث عام 387 ه. أنه قد وقعت فيها معركة كبيرة بين جيش برجوان الفاطمي قائد جيوش الحاكم بأمر الله وجيش الدوقس الرومي وانهزم فيها الدوقس ودخل جيش الفاطميين أنطاكية.. (55) وفي هذا العام يروي ابن الأثير أن الخليفة الفاطمي العزيز بالله برز لغزو الروم إلا أنه توفي في الطريق بمدينة بلبيس.. (56)