أمامه وظفر به شاور وقتله وأصبح مكانه في الوزارة ولقب نفسه بأمير الجيوش وكان سافكا للدماء مكروها. إلا أن الجو لم يصفو لشاور فقد ظهر في مواجهته رجل قوي وهو الأمير ضرغام من أتباع زريك ونازع شاور ودارت بينهما معارك انهزم فيها شاور وفر إلى الشام. وهناك أطمع نور الدين محمود في غزو مصر فجهز معه شيركوه وصلاح الدين والعساكر عام 558 ه. ودارت معارك بينهم وبين ضرغام انتهت بهزيمته ومقتله. ودخل شاور القاهرة ثانية تحت راية الأيوبيين آل زنكي. ثم حدث خلاف وصدام بين شاور وشيركوه قام شاور على أثره بالاتصال بالإفرنج التي قدمت وحاصرت القاهرة وفر منها أسد الدين شيركوه وصلاح الدين وعاد شاور إلى القاهرة للمرة الثالثة تحت راية الصليبيين. وأقام بها على عادته بظلم الناس وقتلهم ومصادرة أموالهم ولم يبق للعاضد معه أمر ولا نهي.
وهنا لجأ العاضد إلى نور الدين محمود وأرسل إليه يستنجده فعاد شيركوه إلى مصر وانهزم الفرنج وقتل شاور بعد أن أحرق الفسطاط ونقض العهد مع شيركوه.. (61) هذه هي قصة تعاون الفاطميين مع الصليبيين التي ضخمها المؤرخون واعتمدوا عليها في تشويه الفاطميين. وهي على ما تبدو مسألة صراع سياسي لا صلة له بالعقيدة تزعمها مارق لا دين له هو شاور الذي كان يتحرك من خلال مصلحته الخاصة وليس من خلال الشيعة أو الدولة الفاطمية..
وها هو الخليفة العاضد ممثل الدولة يستنجد بنور الدين السني لينقذ بلاده من شاور والإفرنج الصليبيين. ثم إنه بعد أن تم له التخلص من خطر الإفرنج وشاور خلع على شيركوه الوزارة مع أنه سني وتوفي شيركوه بعد فترة قصيرة فنصب الخليفة من بعده صلاح الدين وزيرا. إلا أن صلاح الدين تآمر على العاضد حتى قضى عليه وعلى عائلته وبذلك انتهى حكم الفاطميين في مصر. مما دفع ببقايا الفاطميين إلى التآمر عليه ومحاولة الاتصال بالإفرنج لدفعه إلى الخروج من القاهرة بجنده والاستيلاء على المدينة إلا أن هذه المؤامرة تم كشفها.. (62)