السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٤٠
ويروي ابن حجر: سلم الحسن لمعاوية الأمر وبايعه على إقامة كتاب الله وسنة نبيه. ودخل معاوية الكوفة وبايعه الناس فسميت سنة الجماعة لاجتماع الناس وانقطاع الحرب.
وبايع معاوية كل من كان معتزلا للقتال كابن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة. وأجاز معاوية الحسن بثلاثمائة ألف ثوب وثلاثين عبدا ومائة جمل..
وانصرف إلى المدينة وولى معاوية الكوفة المغيرة بن شعبة والبصرة عبد الله بن عامر ورجع إلى دمشق.. (49) ويروي البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: إن ابني هذا لسيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.. (50) ويحاول المؤرخون أن يؤكدوا على أن معاوية هو الذي رغب في الصلح مع الحسن وسعى إليه وأنه عرض عليه المال ورغبه فيه وحثه على رفع السيف وذكره ما وعده به جده صلى الله عليه وسلم من سيادته في الاصلاح به فقبل الحسن العرض وصالح معاوية.. (51) ويؤكد الكثير من المؤرخين أن الحسن اشترط على معاوية أن يجعل له الأمر من بعده وقبل معاوية هذا الشرط.. (52) ومن الواضح أن هذه الروايات تفوح منها رائحة السياسة والهدف منها هو التمويه على حركة الإمام الحسن وطمس معالمها وتشويه أهدافها..

(٤٩) المرجع السابق..
(٥٠) البخاري كتاب الفتن. ومناسبة هذه الرواية كما جاءت في أن الحسن لما سار بالكتائب إلى معاوية. قال ابن العاص لمعاوية: أرى كتيبة لا تولي حتى تدبر أخراها. فقال معاوية: من لذراري المسلمين؟ فقال أي ابن العاص - أنا. فقال عبد الله بن عامر و عبد الرحمن بن سمرة نلقاه فنقول له الصلح. فقبل الحسن الصلح متذرعا بهذه. الرواية. أنظر منسد أحمد ح‍ ٥. والبخاري كتاب الاصلاح بين الناس. والترمذي كتاب المناقب.
(51) أنظر فتح الباري ح‍ 13 / 61. والإصابة ح‍ 1 حرف الحاء. والاستيعاب باب الأفراد في الحاء (52) يروي ابن حجر: لما قتل علي سار الحسن بن علي في أهل العراق ومعاوية في أهل الشأم فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل العهد للحسن من بعده. وانظر فتح الباري والإصابة.
ويروي ابن عبد البر في الإستيعاب: ولا خلاف بين العلماء أن الحسن إنما سلم الخلافة لمعاوية حياته لا غير ثم تكون له من بعد. وعلى ذلك انعقد بينهما ما انعقد في ذلك ورأى الحسن ذلك خيرا من إراقة الدماء في طلبها وإن كان عند نفسه أحق بها..
ويروي أيضا: سم الحسن بن علي. سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي. وقال طائفة: كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك..
ويروي أن الحسن لما حضرته الوفاة قال للحسين أخيه يا أخي إن أباك لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه. فصرفه الله عنها ووليها أبو بكر. فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضا فصرفت عنه إلى عمر. فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم فلم شك أنها لا تعدوه.
فصرفت عنه إلى عثمان. فلما هلك عثمان بويع ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها فما صفا له شئ منها.
وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء الكوفة فأخرجوك..
ومن الواضح أن هذه الرواية تهدف إلى التشكيك في الإمام علي والإمام الحسن والحسين ثلاثتهم فهي تصورهم طلاب للملك وهذا من شأنه أن يطمس أطروحتهم وخطهم ويبرر من جهة أخرى سلوك ومواقف الطرف الآخر..
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة