وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية. فقبل بذلك عمر منه وكتب إلى عبيد الله فكتب إليه لا أقبل منه حتى يضع يده في يدي. فامتنع الحسين فقاتلوه فقتل معه أصحابه وفيهم سبعة عشر شابا من أهل بيته ثم كان آخر ذلك أن قتل وأتى برأسه إلى عبيد الله بن زياد فأرسله ومن بقي من أهل بيته إلى يزيد ومنهم علي بن الحسين وكان مريضا ومنهم عمته زينب فلما قدموا على يزيد أدخلهم على عياله ثم جهزهم إلى المدينة.. (56) وهذه الرواية تعد من أسوأ الروايات التي رويت حول الصراع بين الإمام الحسين ويزيد فهي تضع الإمام الحسين في موضع غاية في المهانة بينما تبيض وجه يزيد..
وأول ما تحاول إثباته هذه الرواية هو أن الإمام الحسين أصيب بالإحباط فور علمه بنبأ مقتل مسلم بن عقيل وقرر العودة وفي هذا إشارة إلى أن خروجه لم يكن بهدف الثورة كما لم يكن يقوم على أساس خطة منظمة..
وما تحاول الرواية إثباته ثانيا هو أن أصحاب الحسين قد خالفوه وأصروا على مواصلة المسير طلبا للثأر. أي أن موقفهم هذا كان مجرد رد فعل لمقتل مسلم ولم يكن نابغا من إيمانهم بالإسلام النبوي الذي يقاتلون تحت لواءه وبالإمام الحسين قائدهم..
ولقد وجهت هذه الرواية طعنة شديدة للإمام الحسين ولأبيه وأخيه وخط آل البيت والإسلام النبوي الذي يمثله حين طرحت على لسانه هذا الطرح الانهزامي الخانع الذي يعكس شخصية منهارة قدمت التنازلات فور حدوث المواجهة ومن قبل وقوع الصدام. وبدا وكأن الإمام الحسين لم يكن يحسب حدوث مواجهة ولم يكن يتوقع أي صدام مع بني أمية..
فحين يطلب منحه الفرصة للذهاب للقتال في ثغر من الثغور فكأنه بهذا يطلب تجنيده في جيوش في أمية ليقاتل تحت رايتهم. وما دام هو يحمل هذا التصور الذي لا يعكس أية صورة من صور العداء لبني أمية فلماذا خرج من الأساس..؟