يروي البخاري أنه جاء رجل من العراق إلى عائشة فقال: يا أم المؤمنين أريني مصحفك؟ قالت: لم؟ قال لعلي أؤلف القرآن عليه. فإنه يقرأ غير مؤلف.
قالت: وما يضرك آية قرأت.. لقد نزل بمكة وإني لجارية ألعب. قال:
فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور (18)..
ومثل هذه الرواية إنما الهدف منها ضرب مصحف ابن مسعود. فهذا الرجل القادم من العراق مقر ابن مسعود ومركز دعوته بشأن المصحف - يطلب من عائشة مصحفها إنما يعني أنه يتشكك في مصحف ابن مسعود الذي تشير الرواية إلى أنه غير مؤلف أي مجموع. فإذا أخذنا بصحة هذه الرواية فإن هذا يعني أنه كان هناك مصحف آخر خاص بعائشة غير مصحف حفصة ومصحف عثمان وضرب خصومه فأكثروا الشكوك من حوله وزادوا الطين بلة إذ أضافوا إلى المصاحف الموجودة مصحفا آخر هو مصحف عائشة وفي هذا إدانة لعثمان كونه لم يعتمد على هذه المصاحف حتى مصحف عائشة في عمله الذي قام به. كما أنا لم نسمع أن مصحف عائشة أحرق مع المصاحف التي تم إحراقها..
ويروي البخاري سئل ابن عباس: أترك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من شئ؟ قال ما ترك إلا ما بين الدفتين. وسئل محمد بن الحنفية فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين (19)..
ويعلق ابن حجر على هذه الرواية بقوله: وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين لأن ذلك يخالف ما تقدم من جمع أبي بكر ثم عثمان. وهذه الترجمة للرد على من زعم أن كثيرا من القرآن ذهب لذهاب حملته. وهو شئ اختلقه الروافض لتصحيح دعواهم أن التنصيص على إمامة علي واستحقاقه الخلافة عند موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ثابتا وأن الصحابة كتموه وهي دعوى باطلة لأنهم لم يكتموا مثل (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) وغيرها من الظواهر التي قد يتمسك بها من يدعي إمامته. كما لم يكتموا ما يعارض ذلك أو يخصص عمومه أو يقيد مطلقه. وقد تلطف المصنف - أي البخاري - في الاستدلال على الرافضة بما خرجه عن أحد أئمتهم الذي يدعون إمامته وهو محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب. فلو كان هناك شئ ما يتعلق بأبيه لكان هو أحق الناس بالاطلاع عليه. وكذلك ابن عباس فإنه ابن عم علي وأشد الناس له لزوما