الملائكة، ونزلت الآية، يعني بها: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد) (1).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بإسناده إلى الأستاذ أبي إسحاق، أحمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر، قال: رأيت في بعض الكتب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أراد الهجرة، خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديون، ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار، وقد أحاط المشركون بالدار، أن ينام على فراشه، وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه، إن شاء الله تعالى، ففعل ذلك، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام: إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات على فراشه يحرسه، يفديه، بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه، فنزلا، فكان جبريل عند رأس علي، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، يباهي الله عز وجل به الملائكة، فأنزل الله عز وجل على رسوله، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد) (2).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة - ينتظر مجئ جبريل عليه السلام، وأمره له أن يخرج من مكة، بإذن الله له في الهجرة إلى المدينة، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي، وأرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرادوا، أتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه،