أبي طالب عليه السلام، ثم أسلم زيد بن حارثة، ثم أسلم أبو بكر، وهو ابن ست وثلاثين سنة (1).
وقال ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة): واعلم أن شيوخنا المتكلين (أي من المعتزلة) لا يكادون يختلفون في أول الناس إسلاما، إنما هو علي بن أبي طالب عليه السلام - إلا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصريين - فأما الذي تقررت المقالة عليه الآن، فهو القول بأن عليا أسبق الناس إلى الإيمان، لا تكاد تجد اليوم في تصانيفهم، وعند متكلميهم والمحققين منهم خلافا في ذلك.
واعلم أن أمير المؤمنين علي عليه السلام ما زال يدعي ذلك لنفسه، ويفتخر به، ويجعله في أفضليته على غيره، ويصرح بذلك، وقد قال، غير مرة، أنا الصديق الأكبر، والفاروق الأول، أسلمت قبل أبي بكر، وصليت قبل صلاته.
وقد روى عنه هذا الكلام بعينه ابن قتيبة في (المعارف)، وهو غير متهم في أمره، وفي الشعر المروي عنه في هذا المعنى الأبيات التي أولها:
محمد النبي أخي وصهري * وحمزة سيد الشهداء عمي ومن جملتها: سبقتكم إلى الإسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمي وأما الذاهبون إلى أن أبا بكر أقدمهما إسلاما فهم نفر قليل.
وهكذا دل مجموع ما ذكرنا أن عليا عليه السلام، أول الناس إسلاما، وأن المخالف في ذلك شاذ، والشاذ لا يعتد به (2).