كليب الحرمي عن أبيه قال: كنت عند علي، رضي الله عنه، جالسا، إذ دخل رجل، عليه ثياب السفر، وعلي، رضي الله عنه، يكلم الناس ويكلمونه، فقال: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي أن أتكلم، فلم يلتفت إليه، وشغله ما فيه، فجلس إلى رجل قال له: ما عندك، قال: كنت معتمرا، فلقيت عائشة، فقالت: هؤلاء القوم الذين خرجوا في أرضكم يسمون (حرورية)، قلت: خرجوا في موضع يسمى حروراء، تسمى بذلك، فقالت: طوبى لمن شهد منكم، لو شاء ابن أبي طالب، رضي الله عنه، لأخبركم خبرهم، فجئت أسأله عن خبرهم.
فلما فرغ علي، رضي الله عنه قال: أين المستأذن، فقص عليه، كما قص علي، قال: إني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس عنده أحد غير عائشة، رضي الله عنها، فقال لي: كيف أنت يا علي، وقوم كذا وكذا، قلت: الله ورسوله أعلم، ثم أشار بيده فقال: قوم يخرجون من المشرق، يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية فيهم رجل مخدج، كأن يده ثدي حبشية، أنشدكم بالله أخبرتكم به؟ قالوا: نعم، قال:
أنشدكم بالله أخبرتكم أنه فيهم، قالوا نعم، فجئتموني وأخبرتموني أنه ليس فيهم، فحلفت لكم بالله أنه فيهم، ثم أتيتموني به تسحبونه، كما نعت لكم، قالوا: صدق الله ورسوله (1).
وعن الأعمش عن زيد، وهو ابن وهب، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم النهروان لقي الخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا بالرماح قتلوا جميعا، قال علي رضي الله عنه: اطلبوا ذا الثدية فطلبوه، فلم يجدوه، فقال علي رضي الله عنه: ما كذبت ولا كذبت، اطلبوه فطلبوه فوجدوه في وخدة من الأرض، عليه ناف من القتلى، فإذا رجل على يده مثل سبلات السنور، فكبر علي رضي الله عنه، وأعجبهم ذلك (2).