النظر إليه لما أمر بالنظر إليه، فهو مثل: من أراد أن ينظر إلى أفضل رجل في البلد فلينظر إلى فلان، ولا ريب أنه لا مساغ للتشبيه في مثل هذا الكلام، بأن يكون المراد: إن من أمر بالنظر إليه مشابه للأفضل من في البلد، وليس الأفضل حقيقة.
إنه لا مساغ لأن يراد ذلك، أو يدعي كونه المراد، في مثل الكلام المذكور، بل المراد كون هذا الشخص هو الأفضل حقيقة.
إلا أنه لما كانت العينية في الحديث الشريف متعذرة، فلا مناص من حمله على أقرب الأمور أي العينية، وهو المساواة، فيكون المعنى: من أراد أن ينظر إلى آدم ويلحظ علمه فلينظر إلى علي بن أبي طالب، فإنه الذي يماثله ويساويه في العلم، بمعنى أن جميع العلوم الحاصلة لآدم عليه السلام حاصلة لعلي عليه السلام.
وهكذا في باقي الصفات المذكورة في الحديث.
فظهر، أن المراد هو المساواة، وإلا لسقط الكلام النبوي عن البلاغة اللائقة به.
ويشهد بما ذكرنا: ما جاء في كلام المحبي بترجمة عيسى بن محمد المغربي صاحب (مقاليد الأسانيد) حيث قال: " وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، حتى أن العارف بالله السيد محمد بن باعلوي كان يقول في شأنه: إنه زروق زمانه. وكان السيد عمر باعلوي يقول: من أراد أن ينظر إلى شخص لا يشك في ولايته فلينظر إليه. وكفى بذلك فخرا له، ومن يشهد له خزيمة " (1).
فإن ظاهر كلام باعلوي في حق عيسى المغربي هو ما ذكرناه، إذ لو كان مفاده التشبيه فقط - نظير تشبيه الحصى باللؤلؤ مثلا - لما دل على الولاية الثابتة