تعليم الطريقة والإرشاد لأحوال السالكين ومقاماتهم، والتنبيه على غوائل النفس والترغيب بالزهد في الدنيا ونحو ذلك، أكثر من غيره.
وفي حكم العقل أنه يستدل على وجود الملكات النفسانية بصدور الأفعال المختصة بتلك الملكات، فمثلا: يستدل من ثبات الشخص في مختلف المعارك في مقابلة الأقران ووقع الرماح والسيوف، على شجاعته النفسانية، وكذلك الحال في الحب والبغض والخوف والرجاء وغيرها من الأمور الباطنية.
فمن هذا الطريق أيضا يتوصل إلى الملكات الباطنية في الأشخاص، لتعرف أنها من جنس كمالات الأنبياء أو من جنس كمالات الأولياء.
وقد دل على هذه التفرقة حديث رواه الشيعة في كتبهم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إنك يا علي تقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلتهم على تنزيله. لأن مقاتلات الشيخين كلها كانت على تنزيل القرآن، فكان عهدهما من بقية زمان النبوة، وزمن خلافة الأمير كان مبدء لدورة الولاية، ولهذا جعله شيوخ الطريقة وأرباب المعرفة والحقيقة فاتح باب الولاية المحمدية، وخاتم الولاية المطلقة للأنبياء.
ومن هنا، فإن سلاسل جميع فرق أولياء الله تنتهي إليه، وتتشعب منه كتشعب الجداول من البحر العظيم، كما تصل سلاسل الفقهاء والمجتهدين في الشريعة بالشيخين ونوابهما، كعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وأمثالهم، رضي الله تعالى عنهم، ويكون فقه أولئك الفقهاء رشحة من بحار علومهم.
وكان معنى الإمامة التي بقيت في أولاد الإمام، وجعل بعضهم بعضا وصيا له فيها، هي قطبية الإرشاد، وكونهم منبعا لفيض الولاية، ولهذا لم يرو إلزام هذا الأمر من الأئمة الأطهار على كافة الخلائق، بل جعلوا بعض أصحابهم