ولكنه أصون من الشاذكوني، ولم يقل أحد قط: إنه وضع حديثا، بل ربما كان يتلقط أحاديث ويدعي روايتها، فيرويها على وجه التدليس ويوهم أنه سمعها، وهذا قد دخل فيه طائفة، وهو أخف من افتراء المتون. قال أبو حاتم الرازي: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره، سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن الجعد في حديثه ".
وكذلك نسب رميه بالكذب إلى ابن نمير، ولا أساس لذلك من الصحة.
قال ابن عدي: " أخبرنا عبد الله قال قال ابن نمير: الحماني كذاب. فقيل لعبدان:
سمعته منه؟ قال: لا " بل روى مطين عن ابن نمير قوله في يحيى: " هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلهم، فاكتب عنه ".
وأما علي بن المديني، فقد تقدم أن السبب في تكلمه فيه أنه كان يحدث بما لا يحفظ.
أقول:
لكن الذي يظهر أن السبب الأصلي للتكلم فيه أمران:
أحدهما: الحسد.
وهذا ما كان يؤكد عليه يحيى بن معين وغيره، وذلك لأنه قد ألف المسند الكبير، وقد ذكر ابن عدي أنه أول من صنف المسند، ووصفه بأنه مسند صالح، وقد ذكر الحماني نفسه هذا السبب، فقد حكى العقيلي عن علي بن عبد العزيز:
سمعت يحيى الحماني يقول لقوم غرباء في مجلسه:
من أين أنتم؟ فأخبروه.