القرون السابقة والتي رواها المتأخرون، فلا يخلو حالها عن أحد أمرين، فإما قد تفحص عنها السلف ولم يقفوا لها على أصل حتى يروونها، وإما وقفوا لها على أصل لكن رأوا فيه علة أوجبت ترك جميع تلك الأحاديث، وعلى كل حال فإن هذه الأحاديث لا يجوز الاعتماد عليها والتمسك بها في عقيدة أو عمل. ولنعم ما قال بعض الشيوخ في أمثال هذا:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ولقد قطع هذا القسم من الأحاديث الطريق على كثير من المحدثين، واغتروا بكثرة طرقها الواردة في هذا القسم من الكتب، فحكموا بتواترها وتمسكوا بها في مقام القطع واليقين، خلافا لما تدل عليه الأحاديث في الطبقة الأولى والثانية والثالثة.
وقد تضمنت كتب كثيرة لهذا القسم من الأحاديث وهذه أسامي بعضها:
كتاب الضعفاء لابن حبان، تصانيف الحاكم، كتاب الضعفاء للعقيلي، كتاب الكامل لابن عدي، تصانيف الخطيب، تصانيف ابن شاهين، تفسير ابن جرير، الفردوس للديلمي بل جميع تصانيفه، تصانيف أبي نعيم، تصانيف الجوزجاني، تصانيف ابن عساكر، تصانيف أبي الشيخ، تصانيف ابن النجار.
وإن أكثر المساهلة والوضع هو في باب المناقب والمثالب والتفسير وأسباب النزول و...).
أقول على ضوء هذا الكلام: إن الحديث الذي استند إليه (الدهلوي) في مقابلة استدلال الإمامية بحديث الغدير المتواتر هو من الأحاديث المجهولة في القرون السابقة، ولا يخلو أمره من أحد الأمرين اللذين ذكرهما، وعلى كل حال لا يجوز الاستناد إليه والاعتماد عليه، فالعجب، إن هذا الرجل يعتمد على حديث يراه هو والده حديثا باطلا لا يجوز التمسك به فناسب أن نقول له:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم