وقال القاري أيضا: (قال أبو حاتم: وفي قوله: سدوا... دليل على حسم أطماع الناس كلهم من الخلافة إلا أبا بكر) (1).
فأي علاقة بين (الخوخة) و (الخلافة) يا منصفون؟
وأي الحديثين أولى بالاستدلال: حديث الغدير لإمامة علي أو حديث الخوخة لإمامة أبي بكر يا منصفون؟
ولما رأى الحافظ الطبري عدم دلالة حديث خوخة أبي بكر، فإنه لم يجد بدا من الاعتراف بذلك فصرح بأنه (لا ينهض في الدلالة، وإنما بانضمام القرائن الحالية إليه) وهذا نص كلامه حديث قال: (عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه، فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنه ليس من الناس أحد آمن علي بنفسه وماله من ابن أبي قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر لكن خلة الاسلام سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر. خرجه أحمد والبخاري وأبو حاتم واللفظ له. وقال في قوله: سدوا عني كل خوخة إلى آخره دليل على حسم أطمع الناس كلهم من الخلافة إلا أبا بكر.
قلت: وهذا القول وحده لا ينهض في الدلالة، وإنما بانضمام القرائن الحالية التي حصلت، وذلك بارتقائه المنبر في حال المرض ومواجهة الناس بذلك وتعريفهم بحق أبي بكر وتفضيله بذكر الخلة، وذلك تنبيه على أنه الخليفة من بعده. وكأن هذا القول كالتوصية لهم به لأنه قرب الموت، وكذلك فهمه الصحابة من القال والحال) (2).
أقول: فإذا كان حديث الخوخة يدل على خلافة أبي بكر بانضمام القرائن من ارتقاء المنبر ومواجهة الناس والتعريف بحق أبي بكر وتفضيله... كما قال المحب الطبري... فإن حديث الغدير - بغض النظر عن دلالته بوحده - يدل