أن الحث قد وقع على التمسك بالكتاب والعترة، ومن تمسك بهما في دينه كان أولى به أن يتمسك بدستورهما القويم في سياسته، بل في شتى المجالات، حتى في طريقة انضجاعه في فراشه، وطريقة أكله وشربه.
كما اعترض أيضا وادعى أن الحديث الشريف قد رواه بعض الثقات بلفظ وسنتي، وليس بلفظ وعترتي، وهذا ما ينفيه الواقع، لأن الرواة الذين رووا الحديث بلفظ وسنتي، لا يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة، والرواة الذين رووه بلفظ وعترتي، يزيد عددهم على ما يفيد التواتر، هذه من جهة.
أما من جهة المفهوم فإن السنة تكاد تفهم بدون العترة لأنها لم تجمع على عهده (ص) وفيها الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد.
وقد كان (ص) يفتي ويحكم بحضرة من حضره من أصحابه فصاحب البيت أدري بالذي فيه، وإنما قامت الحجة على سائر من لم يحضره، بنقل من حضره، وهو واحد أو اثنان. هذا ولو تصورناه في أقواله فكيف نتصوره في أفعاله، وتقريراته لمن استفتاه، وهما من السنة، وماذا يصنع من يريد التمسك بسنته من بعده إذا افترضناه من غير الصحابة؟
أيضل يبحث عن جميع الصحابة الذين هم من الولاة والحكام والقواد والجنود في الثغور، ليسألهم عما يريد التعرف عليه من أحكام، أم يكتفي بالرجوع إلى الموجودين، وهل جميع الصحابة يستطيعون الفتيا؟ بل ذلك لا يجز به لاحتمال الناسخ والمنسوخ أو المقيد أو المخصص أمام واحد أو اثنين ممن لم يكونوا بالمدينة والحجية كما يقول ابن حزم لا تتقوم إلا بهم.
وإن كانت هذه المشكلة قائمة بالنسبة إلى من أدرك الصحابة، وهم القلة نسبيا فما الرأي بالمشكلة التي بعد الفتوح وانتشار الإسلام، ومحاولة التعرف على أحكامه وبخاصة بعد انتشار الكذب الواضح في الحديث للأغراض السياسية أو النفسية؟