" خشية الله عز وجل رأس كل حكمة " (1).
إن الحكمة الحقيقة نزعة عقلانية وهي ضد النزعات النفسانية (2)، وهي تقوى في النفس بنفس المقدار الذي تضعف فيه الميول النفسية (3) حتى تتلاشى تلك الميول نهائيا (4)، وفي هذا الحال يستيقظ العقل ويحيا بشكل كامل، فيمسك بزمام المرء، ومن ثم لا تبقى في وجوده أرضية لارتكاب الذنوب والأعمال غير اللائقة (5)، وبالنتيجة تقترن الحكمة بالعصمة (6)، وأخيرا تحصل للإنسان كل خصوصيات الحكيم والعالم الحقيقي فيصل إلى أعلى مراتب العلم والحكمة وأرفع درجات معرفة النفس ومعرفة الخالق سبحانه (7).
وفي هذه المرتبة السامية ينفصل قلب الإنسان عن كل ما هو فان ويتعلق بعالم البقاء، وفي هذا يقول سيد الحكماء وأمير العرفاء (عليه السلام) في تفسير الحكمة:
" أول الحكمة ترك اللذات، وآخرها مقت الفانيات " (8).
ويقول (عليه السلام) أيضا:
" حد الحكمة الإعراض عن دار الفناء، والتوله بدار البقاء " (9).