بعضهم على بعض، وما رد به التابعون عليهم واعترضوا به أقوالهم، واختلاف التابعين أيضا فيما بينهم، وقدح بعضهم في بعض، فلينظر في كتاب النظام (1)، قال الجاحظ: كان النظام أشد الناس إنكارا على الرافضة، لطعنهم على الصحابة، حتى إذا ذكر الفتيا وتنقل الصحابة فيها، وقضاياهم بالأمور المختلفة، وقول من استعمل الرأي في دين الله، انتظم مطاعن الرافضة وغيرها، وزاد عليها، وقال في الصحابة أضعاف قولها.
قال: وقال بعض رؤساء المعتزلة: غلط أبي حنيفة في الأحكام عظيم، لأنه أضل خلقا، وغلط حماد (2) أعظم من غلط أبي حنيفة، لأن حمادا أصل أبي حنيفة الذي منه تفرع، وغلط إبراهيم أغلظ وأعظم من غلط حماد، لأنه أصل حماد وغلط علقمة (3) والأسود (4) أعظم من غلط إبراهيم لأنهما أصله الذي عليه اعتمد، وغلط ابن مسعود أعظم من غلط هؤلاء جميعا، لأنه أول من بدر إلى وضع الأديان برأيه، وهو الذي قال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني.
قال: واستأذن أصحاب الحديث على ثمامة (5) بخراسان حيث كان مع الرشيد بن المهدي، فسألوه كتابه الذي صنفه على أبي حنيفة في اجتهاد الرأي، فقال: لست على أبي حنيفة كتبت ذلك الكتاب، وإنما كتبته على علقمة والأسود وعبد الله بن مسعود لأنهم الذين قالوا بالرأي قبل أبي حنيفة.