الحقائق في سبيل ذلك.
إذن، فلن يستطيع هذا الشخص أن يكتشف الحقيقة، إذا عرض عليه ملك أو سلطان يتنازعه فريقان كل منهما يقول في ظروف كهذه: أنا المظلوم والمعتدى عليه، والآخر هو الظالم وهو المهاجم، لأن هذا الشخص - كما قلنا - لا يملك المعابير الكافية التي تمكنه من حصحصة الحق، وتمييزه عن الباطل.
وقد عبر بعض المستشرقين عن هذه الحقيقة المهمة، حينما قال:
إنه لم يدرك مظلومية الإمام الحسين عليه السلام إلا من قتل طفله الرضيع، وهو كلام صحيح، أنه لا يملك مفتاحا يستطيع بواسطته أن يدخل إلى شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)، ولا معيارا يعرفه الحق من الباطل في قضية الحسين (عليه السلام) إلا المعيار العاطفي والإنساني، أما نحن فلدينا القرآن، وكلام الرسول (صلى الله عليه وآله) ولدينا مثل وقيم، وحقائق، نقيس بها الأمور، ونعرف الحق من خلالها.
وهكذا يتضح: أنه لو كان علي عليه السلام هو الذي أجاب المهاجمين لضاع الحق لدى الكثيرين من الناس، وهو ما لم يكن علي (عليه السلام) ليقدم على التفريط به في أي ظرف، ولكانوا فعلوا ما أرادوه من اقتحام البيت، وغيره من أمور، وكانوا أعظم شراسة وأشد ضراوة، وأكثر عنفا وفتكا بأهله، ولوقع الناس في أعظم البلاء، حيث تسد عليهم النافذة الوحيدة لمعرفة الحق خصوصا من كان منهم بعيدا عن أجواء المدينة، فضلا عن الأجيال اللاحقة، وإلى يومنا هذا، وهل كان يمكن اكتشاف المحق من البطل، والطامع، المتغلب، والمغتصب، المهاجم من المظلوم، والمضطهد، والمقهور، والمسلوب حقه، والمكذوب