قد نص على إمامة علي عليه السلام في كثير من المناسبات والمواقف قبل ذلك، ولا سيما في يوم الغدير، حيث أخذ له البيعة من الناس أيضا.
ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يحصن الأمة عن أن تقع فريسة التزوير، حتى لا يقال لها: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد عدل عن رأيه، وقد استجدت أمور، ونشأت ظروف اقتضت استبعاده عليه السلام عن هذا الأمر.
وقد أظهرت مبادرة النبي هذه حقيقة ما كان يكنه البعض في نفسه، وما كانوا يبيتونه تجاه هذه القضية بالذات، حين قيل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: إن النبي ليهجر، أو نحو ذلك. ولم يعد مجال للتعلل بأن صحابته صلى الله عليه وآله وسلم أتقياء مخلصون، يحترمون رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويحرصون على تنفيذ أوامره، وكسب رضاه. فإن قولهم: إن النبي ليهجر، قد أظهر مدى جرأتهم على الرسول الكريم، فإذا كانت مطامعهم ومصالحهم تدعوهم إلى هذه الجرأة، وإذا كانوا يواجهون أعظم نبي بهذا الأسلوب الجاف، فهل يتورعون عن ضرب النساء، وعن طمس الحقيقة في سبيل تحقيق أهدافهم؟!
الثاني: حمل الحسين عليه السلام معه النساء والأطفال إلى كربلاء حتى لا يدعي الحكام المجرمون إن اللصوص قتلوا الحسين، أو أنه تاه في الصحراء، فمات عطشا، كما جرى لدليلي مسلم بن عقيل، أو أن السباع قد افترسته أو ما إلى ذلك.
ثم يأتي هؤلاء المزورون، ويشيعون جنازته بالاحترام والتبجيل، مع إظهار مزيد من الحزن والأسى على فقده، ويخدعون الناس بذلك،