وبانفعال ورعونة، حيث بادروها بالهجوم الشرس، الذي ينم عن حنق لا مبرر له إلا الإصرار على انتزاع هذا الأمر بالقوة، حتى ولو كان بقيمة قتل " المحسن "، وهتك حرمة بيتها (عليها السلام) والاعتداء عليها بالضرب المبرح، وهي امرأة ليست هي بالطامعة، ولا الحاسدة، ولا المغرورة بنفسها، ولا الحاقدة، ولا المشاغبة، إنها امرأة جاءت لترى من الطارق؟ ولم تكن بصدد إطلاق الكلمات الرعناء بلا حساب، بل لا مبرر لأن تفعل ذلك ابتداء، وهي المرأة المثكولة بأبيها أعظم نبي وجد في هذا العالم، وقد أخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي ابنته الوحيدة، والإنسانة المميزة التي هي أفضل نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.
فلو أنهم حين جاؤوا قد تكلموا بالكلام اللين والمهذب، وقالوا لها: كيف أصبحت يا بنت رسول الله؟ لقد جئنا للاطمئنان على حالكم، وللسؤال عن صحتكم، ولنعزيكم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهل تأذنين لنا بزيارتكم لمباسطة علي ومؤانسته، والاطلاع على أحواله، فهل كانت الزهراء ستواجههم بغير الخلق الرضي، والكلمة الطيبة، وبغير التأهيل والترحيب؟!
ثم تطالبهم وتحتج عليهم في ما يحاولونه من اغتصاب أمر الخلافة، أو يطالبهم علي (عليه السلام) بذلك بحكمة وأناة بعيدا عن أجواء العنف والقهر، واستعمال السيوف والسياط.
ولكن الحقيقة هي: أن هؤلاء كانوا يريدون الاستعجال بأخذ البيعة من علي (عليه السلام)، إذ أنهم سرعان ما سيظهر عدم صحة ما قالوه للناس، وأن عليا (عليه السلام) لم ينصرف عن هذا الأمر، فبماذا يجيبون الناس على سؤال: لقد بايعتم أمس عليا (عليه السلام) في يوم