وقد جاء بطريقة تفقد معها كل وسائل الدفاع عن نفسها، إذ كيف يمكن لامرأة أن تأتي قومها بمولود لها، ثم تزعم لهم أنها لم تقارف إثما، ولا علاقة لها برجل.
إنها تزعم: أنها قد حملت بطفل ولم يمسسها بشر، وتصر على أنها تحتفظ بمعنى العفة والطهارة بالمعنى الدقيق للكلمة، بل هي لا تقبل أي تأويل في هذا المجال، ولو كان من قبيل حالات العنف التي تعذر فيها المرأة.
بل وحتى المرأة، المتزوجة حين تلد فإنها في الأيام الأولى تكون خجلى إلى درجة كبيرة، لا سيما أمام من عرفوها وعرفتهم وألفوها وألفتهم.
فكيف إذا كانت تأتي قومها بطفل تحمله، وقد ولدته ولم تكن قد تزوجت، ثم هي تصر على أنها لم يمسسها بشر!! أو لا ترضى منهم أن يعتقدوا أو حتى أن يتوهموا غير ذلك.
ولم يهتز إيمان مريم، ولم تتراجع، ولم تبادر إلى إخفاء هذا الطفل، ولا إلى إبعاده ولا إلى التبرء منه، بل قبلت، ورضيت، وصبرت، وتحملت في سبيل رضا الله سبحانه، فكانت سيدة نساء زمانها بحق، وبجدارة فائقة، لأنها صدقت بكلمات الله، وكانت من القانتين.
أما الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، فقد أخبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنها أفضل من جميع نساء العالمين من الأولين والآخرين بمن فيهم مريم وآسية وسواهما، رغم كل ما قاسوه وما واجهوه مما ينبؤك عن عظيم مكانتها