أكمل فيه الدين، ويتم فيه النعمة، وأن هذا الاكمال فيها هل يكون بلا سبب، أو مع ورود حكم فيه؟
والأول: - كما ترى -، إذ الشئ بلا سبب لا يصير كاملا فضلا عن صيرورته إكمالا مضافا إلى كونه ترجيحا بلا مرجح، فإن كان المرجح فضيلتها كانت ليال القدر أفضل منها بلا كلام مع أن الأفضلية غير موجب للاكمال.
وعلى الثاني: ما كان هذا الحكم الذي ورد فيه وكيف يكون سببا لإكمال الدين، فإن المسائل غير متناهية، فكيف بورود حكم أكمل الدين ويتم النعمة الدينية؟ وهل ينزل في ذلك اليوم أو الليلة من الأحكام الكثيرة بمقدار أكمل الدين بحيث لا يبقى حكم للناس إلا وقد نزل في هذا اليوم أو الليلة أو حكم واحد.
والثاني باطل جدا، ولا سبيل إلى الأول لكونه على خلاف الوجدان، فكم من موضوعات لم يبين حكمها في هذا اليوم بل حكم ما لم يذكر أكثر مما ذكر، لأن الأزمان والأيام غير متناهية تقريبا إلى زمان فناء الجميع، وفي كل يوم قد تحقق موضوع غير مذكور حكمه.
فإن كان المراد هو إكمال أحكام الحج، فمضافا إلى عدم صحة إسناد الاكمال إلى الجميع حينئذ نسأل من خصوصية أوجبت لإكمال الحج في السنة الأخيرة، فإنه إن كان أكمل في السنوات الماضية فلا معنى للإسناد إلى الأخير، وإن لم يكمل قبلا فما علة عدم بيان أحكام الحج قبلا؟ وكيف يجوز ذلك؟ فهل يكون الحج من السابقين باطلا لعدم إكمال أحكامه؟! فربما يقع لهم شئ يحتاج إلى بيان حكمه وكان مما أبطل فقده، وكيف يصح من الحكيم تنقيص أحكام الحج في السنوات السابقة وإكماله في السنة الأخيرة.