حاجة، ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه جميعا حتى رووا.
ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي منكم، فأحجم القوم عنه جميعا، فقلت:
أنا، وإني لأحدثهم سنا، وأرمضهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا، أنا يا رسول الله، أكون وزيرك عليه، فأعاد القول، فأمسكوا عنه، وأعدت ما قلت، فأخذ برقبتي، ثم قال لهم: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب رضي الله عنه: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع " (1).
فانظروا إلى هذا الاستهزاء، وإلى من يرجع، وقد أطلت بنقل هذه الأحاديث لئلا يقول ابن حجر وأمثاله بأن المقصود من " بعدي " هو البعد بالمآل.
حكمة أخيرة:
كل الدلائل توضح أن المقصود من كلمة " مولى وولي " في الحديث، هو الخليفة والقائد للأمة الإسلامية، ولا يمكن أن ينسجم مع معنى آخر.. وإليك الدليل:
1 - علمنا مما سبق أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخشى من طرح حديث الغدير... ولم يفعل ذلك إلا بعد أن ورد إليه الأمر الصريح وباللهجة الشديدة كما عرفت.