وقد عرفت أنه لما بلغ ذلك الحارث بن النعمان، وكان مثلك - أيها الآلوسي - في العناد، جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مع كمال العناد والتعصب، ووقع بينهما ما مر.
أكان هذا الاهتمام في مقام إظهار المحبة ونحوها؟ كلا ثم كلا.
الثالث: إن قوله: وقد اعتنى بحديث " الغدير " أبو جعفر محمد بن جرير الطبري.
أليس قد اعترفت بأنه جمع أخبار " الغدير " في " مجلدين "، وهو أعلم منك بمراتب؟
أليس في " مجلدين " من الأخبار " صحيح "، ودال على المراد؟ وقد اعترفت أنت بأنه جمع فيها الصحيح والسقيم.
سلمنا في المجلدين مخلوط من الصحاح وغيرها فلا أقل كان نصفها صحيحا ونصفها سقيما، ومن المعلوم أن السقيم منها ليس يخالف الصحاح منها، بل الجميع بمفاد واحد أقصاه أنها لم يكن بنفسها دليلا لضعفها، أما لو كانت مع الصحاح كانت الصحاح جابرة لضعفها، وصار المجموع دليلا.
سلمنا عدمه وأنت تسقط الضعاف منها ويكون على اعترافك بقدر " مجلد " من الأخبار صحيح.
سلمنا أقل من ذلك، أليس في مقدار " المجلدين " عدة قليلة من " الصحاح " الدالة على المقصود، وهو كاف؟
والفرض أن الضعاف غير مخالف لها في المضمون كي يسقط الجميع عن الاعتبار.