وممن أظهر التعصب والعناد في إنكار مجئ " مفعل " على " أفعل " " الفخر الرازي "، فقال بعد نقله معنى " الأولى " عن جماعة ما نصه:
قال تعالى: * (مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير) *، وفي لفظ " المولى " هاهنا أقوال:
أحدها - قال ابن عباس: " مولاكم " - أي مصيركم، وتحقيقه أن " المولى " موضع " الولي " وهو القرب، فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه، وتصلون إليه.
والثاني - قال الكلبي: يعني أولى بكم، وهو قول " الزجاج " و " الفراء " و " أبي عبيدة "، واعلم أن هذا الذي قالوه معنى، وليس بتفسير اللفظ، لأنه لو كان " مولى " و " أولى " بمعنى واحد في اللغة لصح استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن يقال: هذا مولى من فلان، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه: معنى وليس بتفسير، انتهى موضع الحاجة.
ولا يخفى ما فيه، فإنه نقل كلام " أئمة اللغة " وتصريحهم بأن " المولى " بمعنى " أولى "، وقولهم هو الحجة في هذا الفن، وهم الذين يرجع الناس إليهم في فهم المعاني.
ثم قال من شدة عناده: بأن الذي قالوه: يكون معنى ولا يكون تفسير اللفظ.
وهذا من الغرائب، ومراده أن الذي قاله " أعاظم أئمة اللغة " من كون " المولى " بمعنى " الأولى " هو حاصل المعنى لا نفس معنى اللغة وتفسيرها.
وهذا منه عجيب، إذ اللغوي لو بين شيئا وفسره، كان ذلك بحكم وظيفته