بيان معناه في اللغة التي هي شأنه، فإذا قال معنى اللفظ الفلاني كذا، ليس لأحد أن يقول: أنه حاصل معناه وليس بتفسير له. وهذا أمر واضح.
على أنا نقول: لو كان ما ذكره أئمة اللغة من أن " المولى " بمعنى " الأولى " حاصل المعنى ولم يكن تفسيرا للفظ " المولى " فما معنى نفس " المولى " فهل له معنى في قوله تعالى: * (هي مولاكم) * أو لا، والثاني كما ترى.
وعلى الأول: فإن كان معنى " المولى " هو " أولى " فهو المطلوب، وكان قول أئمة اللغة معناه، وإن كان غيره نسأل بأنه ما معنى نفس اللفظ حينئذ؟
فإن قلت: أحد معانيه الأخر سوى " الأولى " فبطلانه كما ترى، وإن كان غيرها مثل المصير والمقر - أي النار مصيركم ومقركم - فيرد عليه: بأنك قد اعترفت بأنه ليس معنى اللفظ، بل هو تفسيره، فما معناه؟
والحاصل: أنه في المقام لا يمكن الالتزام بعدم المعنى " للمولى " ولا الالتزام بغير " الأولى " من سائر معانيه، فثبت تعين إرادة " الأولى " من " المولى ".
وأما توهم عدم صحة استعمال " المولى " مكان " الأولى " فهو أول الكلام، وعدم الاستعمال غير عدم الصحة، وقد يكون شئ وضع في اللغة لمعنى خاص، ولكن لم يستعمل فيه، ولفظة " من " وضع للابتداء وتكون مرادفا مع لفظة الابتداء الاسمي عند بعض المحققين.
ومع ذلك لا تستعمل مكان لفظة الابتداء، فلا يقال: من خير من الانتهاء، كما يقال: الابتداء خير من الانتهاء.