القوى، وأن الحسن عليه السلام لما رأى هذه الظاهرة في جنوده صمم على إلقاء السلاح لأنه لا يستطيع أن يخوض غمار الحرب بقوى مرهفة.
ثم يقول الأستاذ: ولئن كان في هذا عذر للحسن عليه السلام عما صنع فإنه يدل كذلك على قصور في القيادة، فإن الحرب قد أجهدت جيوش خصمه كما أجهدت جيوشه، والقائد القوي يملك أن يستعيد معنويات جيشه بالخطب الملتهبة وبالأعمال المشجعة.
هذه نظرة الأستاذ التي ألقاها على هذه المرحلة الدقيقة من التاريخ، وهذا حكمه فيها، فهل صدقت معي أنها من نظرات البسطاء الذين يبصرون ما بين أيديهم ثم لا يلتفتون إلى ما حول ولا إلى ما وراء؟!
هل صدقت معي أن الأستاذ حين قال قولته هذه لم يرجع بنظراته هذه إلى " فتنة المصاحف "، ولا إلى " حادثة التحكيم " ولا إلى " واقعة النهروان "، ولا إلى " حديث المؤامرة " التي انتهت بمصرع القائد الأول للحق، ولا إلى شئ آخر يتصل بهذه الشؤون؟
إنه لم يرجع بنظرته إلى شئ من ذلك ليستيقن أن السر أعمق كثيرا من هذا الذي توهمه سببا ثم توجه إليه بالنقد!..
أغمد الإمام الحسن عليه السلام السيف وأعلن الهدنة، فمكن بذلك الناس أن يروا الحكم الأموي على سجيته رأي عين، وأن يبرز أمامهم بخصائصه وأهدافه عاريا مفضوحا دون طلاء ولا تزويق.. للناس كافة.. وليس للعراقيين فقط، ولا للمصريين والحجازيين واليمانيين معهم، بل حتى لأهل الشام، فقد كانت المخادعات والمخاتلات الأموية تستر عليهم وجه الحقيقة طول أيام الحروب.