والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، قال ابن حجر: بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإن أراد استقراره فهو مقبول.
وقد قال ابن الصباغ في الكلام على مانعي الزكاة: وإنما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة ولم يقل إنهم كفروا بذلك، وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن يستقر. قال: ونحن الآن نكفر من جحدها.
قال: وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوذتين، يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك.
وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال: إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواترا في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرها، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة. وأجيب باحتمال أنه كان متواترا في عصر ابن مسعود لكن لم يتواتر عند ابن مسعود فانحلت العقدة بعون الله تعالى.
قوله: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قيل لي قل:
فقلت. قال فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) القائل فنحن نقول.. إلخ هو أبي بن كعب. ووقع عند الطبراني في الأوسط أن ابن مسعود أيضا قال مثل ذلك، لكن المشهور أنه من قول أبي بن كعب فلعله انقلب على راويه. وليس في جواب أبي تصريح بالمراد، إلا أن في الاجماع على كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.