بعض ما في المصحف الكريم من السور، كالحمد والمعوذتين، على ما نسبه أهل الحديث إلى ابن مسعود، وكذلك الكلمات والجمل، كما سبق ذكره، لا يمكن الاستناد إليه لنفيها، لأن ما ثبت بالتواتر القطعي، لا يرتفع بالحديث الظني.
الوجه الثالث: أن أهم اعتراض على القول بالتحريف هو سقوط مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية، وفقدانها، وهذا يعني ذهاب أحكام ومعارف إلهية بقدر تلك الآيات، من دون أن يكون هناك ما يعوض عنها، لعدم التصريح في شئ من النصوص بالتعويض المذكور.
وهذا الاعتراض لا يندفع بالقول بنسخ التلاوة، حيث إن الأحاديث تدل كما أسلفنا على سقوط مجموعة كبيرة من الآيات، وعدم وجود بديل عنها.
وحتى لو كانت منسوخة التلاوة، ولم تكن فعلا من القرآن، إلا أن المفروض نزولها وكونها سابقا قرآنا ولا وجود لها ولا لبديلها.
لكن أين أحكامها ومعارفها؟
فنظرية (نسخ التلاوة) تتضمن الاعتراف بأن المحذوفات، كانت قرآنا، وإذا نسخ تلاوتها لم تنسخ أحكامها؟
فأين أحكام تلك المجموعة المفقودة؟
فبهذا تتساوى النتيجة الخطيرة المترتبة على القول بالتحريف الباطل، والمترتبة على القول بنسخ التلاوة، منس حيث فقدان مجموعة من الأحكام كانت في القرآن، فلا بد أن يكون النسخ المذكور أيضا باطلا.
الوجه الرابع: أن الآية المنسوخ تلاوتها، إذا فرض نزولها أولا، وفرض بقاء حكمها أخيرا، كما يزعمون في آية الرجم (المحلى لابن حزم 11 / 235)