لعلكم تعقلون). (1) ومع روية هذه المعجزة الكبرى التي كان من المفروض أن تزيد في إيمانهم وانصياعهم لنبيهم موسى (عليه السلام)، لكن - وللأسف - قست قلوبهم بنحو يحكي سبحانه شدة تلك القساوة ويقول:
(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة).
وبما أن الحجر هو المعروف بالصلابة والقساوة شبه سبحانه قلوبهم بالحجارة وقال:
إن قلوبهم (كالحجارة أو أشد قسوة) أي: بل أشد قسوة، فكلمة " أو " موضوعة مكان بل.
ثم إن القلوب إما بمعنى النفوس الناطقة، فعندئذ تكون نسبة القساوة إلى الروح نسبة حقيقية. أو أن المراد منها هو العضو المودع في الجهة اليسرى من الصدر الذي ليس له دور سوى تصفية الدم وإرساله إلى سائر الأعضاء، وعندئذ تكون النسبة مجازية، وإنما نسبت القساوة إلى ذلك العضو، لأنه مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية، وأول عضو يتأثر بالأمور النفسانية كالفرح والغضب والحزن والجزع، فلا منافاة في أن يكون المدرك هو النفس الناطقة، ومع ذلك يصح نسبة الإدراك إلى القلب.
ثم إنه سبحانه وصف قلوبهم بأنها أشد قسوة من الحجارة، وعلل ذلك بأمور ثلاثة:
الأول: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار).
الثاني: (وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء).