الفاسقين). (1) قال الزمخشري: والتمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني، وإدناء المتوهم من الشاهد، فإن كان المتمثل له عظيما كان المتمثل به مثله، وإن كان حقيرا كان المتمثل به كذلك. (2) وربما سرت تلك الشبهة إلى عصرنا الحاضر، فقد استغرب بعضهم من ضرب المثل بالحشرات والأمور الحقيرة الضئيلة، ولكنه غفل عن أن العبرة في ضرب الأمثال ليس بأدواتها وآلاتها، وإنما بمكنوناتها وغاياتها، وما يدرينا بسر الإعجاز في التركيب الجثماني للبعوضة، مثلا، وما فيه من إبداع وتحد وإعداد، ولعل فيه من الإنجاز الخلقي ما لا نشاهده بأكثر الأجسام ضخامة وكبرا، على أن المبدع لها جميعا هو الله وكفى، " والله رب الصغير والكبير وخالق البعوضة والفيل، والمعجزة في البعوضة هي ذاتها المعجزة في الفيل، إنها معجزة الحياة، معجرة السر المغلق الذي لا يعلمه إلا الله على أن العبرة في المثل ليست في الحجم، إنما الأمثال أدوات للتنوير والتبصير، وليس في ضرب الأمثال ما يعاب، وما من شأنه الاستحياء من ذكره. والله - جلت حكمته - يريد بها اختبار القلوب وامتحان النفوس ". (3) الثاني عشر: التمثيلات القرآنية قد عرفت أن المثل السائر غير التمثيل الوارد في القرآن الكريم، وأنه
(٤٣)