الثالث: (وإن منها لما يهبط من خشية الله).
أما الأول: أي تفجر الأنهار من الحجارة، كالعيون الجارية من الجبال الصخرية.
وأما الثاني: كالعيون الحادثة عند الزلازل المستتبعة للانشقاق والانفجار المستعقب لجريان الأنهار.
وأما الثالث: كهبوط الحجارة من الجبال العالية إلى الأودية المنخفضة من خشية الله .
ولا مانع من أن يكون للهبوط علة طبيعية كالصواعق التي تهبط بها الصخور وعلة معنوية التي كشف عنها الوحي، وهي الهبوط من خشية الله.
وعلى ضوء ذلك فالحجارة على الرغم من صلابتها تتأثر طبقا للعوامل السالفة الذكر، وأما قلوب بني إسرائيل فهي صلبة لا تنفعل أمام وحيه سبحانه وبيان رسوله، فلا تفزع نفوسهم ولا تخشع لآمره ونهيه.
ومن عجيب الأمر أن بني إسرائيل رأوا بأم أعينهم ليونة الحجارة حيث استسقى موسى لقومه، فأمر بأن يضرب بعصاه الحجر، فلما ضربه انفجرت منه اثنتا عشرة عينا بعدد الأسباط.
ثم إن ظاهر الآية نسبة الشعور إلى الحجارة حيث إنها تهبط من خشية الله، وهذه حقيقة علمية كشف عنها الوحي وإن لم يصل إليها الإنسان بأدواته الحسية.
يقول صدر المتألهين: إن الكون بجميع أجزائه يسبح لله ويحمده ويثني عليه تعالى عن شعور، فلكل موجود من هذه الموجودات نصيب من الشعور والإدراك بقدر ما يملك من الوجود من نصيب.