مختلفا يهتدي بها فريق ويضل بها آخر حسب ما يشاء سبحانه، وليست مشيئته سبحانه خالية عن الملاك والسبب، فهدايته وإضلاله رهن اهتداء الإنسان من هداياته العامة، فمن استهدى بها تشمله هدايته الثانية، وهي التي وردت في هذه الآية، ومن أعرض عنها فيشمله إضلاله سبحانه بمعنى قطع فيضه عنه.
الآية ليست من الأمثال ومع ما بذلنا من الجهد في تفسير الآيات، فالظاهر أنها ليست من قبيل التمثيل لما عرفت من أنه عبارة عن تشبيه شئ بشئ وإفراغ المعنى المعقول في قالب محسوس لغاية الإيضاح، ولكن الآيات لا تمت إليه بصلة وإنما هي بصدد بيان سبب جعل الزبانية تسعة عشر وأن لها آثارا خاصة.
وعلى ذلك فقوله سبحانه: (ماذا أراد الله بهذا مثلا)، أي ماذا أراد الله به وصفا، فالمثل في هذه الآية نظير ما ورد في سورة فرقان حيث بعد ما ذكر أن المشركين وصفوه بأنه رجل مسحور، قال: (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال) (1) أي أنظر كيف وصفوك، فليس مطلق الوصف تمثيلا.
تم الكتاب - بحمد الله سبحانه - بيد مؤلفه جعفر السبحاني وقد لاح بدر تمامه في شهر جمادى الآخرة من شهور عام 1420 من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف الثناء والتحية وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين