الثاني: المثل في الاصطلاح المثل: قسم من الحكم، يرد في واقعة لمناسبة اقتضت وروده فيها، ثم يتداولها الناس في غير واحد من الوقائع التي تشابهها دون أدنى تغيير لما فيه من وجازة وغرابة ودقة في التصوير.
فالكلمة الحكيمة على قسمين: سائر منتشر بين الناس ودارج على الألسن فهو المثل، وإلا فهي كلمة حكيمة لها قيمتها الخاصة وإن لم تكن سائرة. فما ربما يقال : " المثل السائر " فالوصف قيد توضيحي لا احترازي، لأن الانتشار والتداول داخل في مفهوم المثل، ويظهر ذلك من أبي هلال العسكري (المتوفى حوالي 400 ه)، حيث قال: جعل كل حكمة سائرة، مثلا، وقد يأتي القائل بما يحسن من الكلام أن يتمثل به إلا أنه لا يتفق أن يسير فلا يكون مثلا. (1) وكلامه هذا ينم " أن الشيوع والانتشار وكثرة الدوران على الألسن هو الفارق بين الحكمة والمثل، فالقول الصائب الصادر عن تجربة يسمى حكمة إذا لم يتداول، ومثلا إذا كثر استعماله وشاع تداوله في المناسبات المختلفة ".
ولأجل ذلك يقول الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر يعرفه الجاهل والخابر وأما تسمية ذلك الشئ بالمثال، فهو لأجل المناسبة والمشابهة بين الموردين على وجه يصبح مثالا لكل ما هو على غراره.