وعلى ذلك فالمعنى المناسب لتفسير الآية، هو تفسير الضرب بالوصف، وقد تقدم أن الوصف أحد معانيه، وأقر به ابن منظور: أن انظر كيف وصفوك بكونك مسحورا.
وأما تفسيره بالتمثيل بأن يقال: أنظر كيف مثلوا لك المثال أو التمثيل، فغير تام، لأن وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكونه " مسحورا "، لا مثل سائر، ولا تمثيل قياسي.
ونظيره تفسيره بقطع الأرض، لأن المشركين ما وصفوه به ليشهروه حتى يصير قولهم " سيرا في الأرض ".
العاشر: الأمثال القرآنية وانسجامها مع البيئة لا شك أن كل خطيب يتأثر بالظروف التي يعيش فيها، وبسهولة يمكن فرز كلام المدني عن القروي، وكلامهما عن كلام البدوي، وما ذاك إلا لأن البيئة تعد أحد الأضلاع الثلاثة التي تكون شخصية الإنسان، ومن هذا الجانب أصبح بإمكان المحقق الخبير بالتاريخ أن يميز الشعر الجاهلي عن الشعر في العصر الإسلامي، و الشعر في العصر الأموي عن الشعر في العصر العباسي، وما هذا إلا نتيجة انعكاسات البيئة على التراث الأدبي، ولكن القرآن بما أنه كلامه سبحانه قد تنزه عن هذه الوصمة، لأن الله سبحانه خالق كل شئ فهو منزه من أن يتأثر بشئ سواه.
ومع ذلك كله نزلت الأمثال القرآنية لهداية الناس ولذلك روعي فيها الغايات التي نزلت لأجلها، فنجد أن الطابع المكي يعلو هامة الأمثال المكية، والطابع المدني يعلو هامة الأمثال المدنية.
أما الأمثال المكية، فكانت دائرة مدار معالجة الأدواء التي ابتلي بها