الثالث: فوائد الأمثال السائرة ذكر غير واحد من الأدباء فوائد جمة للمثل السائر:
1. قال ابن المقفع (المتوفى عام 143 ه): إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وآنق للسمع، وأوسع لشعوب الحديث.
2. وقال إبراهيم النظام (المتوفى عام 231 ه): يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية، فهو نهاية البلاغة.
وقال غيرهما: سميت الحكم القائم صدقها في العقول أمثالا، لانتصاب صورها في العقول مشتقة من المثول الذي هو الانتصاب. (1) وقد نقل ابن قيم الجوزية (المتوفى عام 751 ه) كلام النظام بشكل كامل، وقال:
وقد ضرب الله ورسوله الأمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثل به فقد يكون أقرب إلى تعقله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره، فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير.
ففي الأمثال من تأنس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمر لا يجحده أحد ولا ينكره، وكلما ظهرت الأمثال ازداد المعنى ظهورا ووضوحا، فالأمثال شواهد المعنى المراد، وهي خاصية العقل ولبه وثمرته. (2)